السبت، 20 أبريل 2013

الصدق وأثره على النفوس الطيبة

بسم الله الرحمن الرحيم



قال الله تعالى: ياأيُّها الَّذين آمنوا اتَّقُوا الله وكونوا مع الصَّادقين وقال أيضاً: {فمن أظلمُ ممَّن كَذَبَ على الله وكَذَّبَ بالصِّدق إذ جاءَهُ أَلَيْسَ في جهنَّمَ مثْوىً للكافرين* والَّذي جاءَ بالصِّدق وصَدَّقَ به أولئك هُمُ المتَّقون*لهم ما يشاؤونَ عندَ ربِّهمْ ذلك جزاءُ المُحسنين وقال أيضاً: {ومن أظلمُ ممَّنِ افترى على الله كذِباً أو كَذَّبَ بآياتِهِ
إنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالمون
ومضات:
ـ الصِّدق هو المِحَكُّ لمعرفة درجة الإيمان، وهو الفضيلة الَّتي يجب أن تصطبغ بها كلُّ أعمالنا وتصرفاتنا أثناء توجُّهنا إلى الحضرة الإلهية، حتَّى تُتوَّج أعمالنا كلُّها بالنور والفلاح.
ـ أشدُّ الناس ظلماً هو من يعتدي على حقوق الله تعالى وتشريعاته وتعاليمه، سواء بالتقوُّل عليها كذباً وبهتاناً، أو بالتكذيب المباشر لما أنزله تعالى من الرسالات السماوية.
في رحاب الآيات:
الصِّدق خُلقٌ من أجلِّ الأخلاق الَّتي يتَّصف بها المؤمنون، وتاج مرصَّعٌ توِّج به النبيُّون والمرسلون. وهو الطريق لكلِّ خير وبرٍّ، وعنوان للرقيِّ المادِّي والروحي في كلِّ جيل وعصر، ومِحَكٌّ دقيق يميِّز المؤمن ـ الَّذي
يتحرَّى هذا الخلق في أقواله وأعمالـه ـ عن المنافق الَّذي يكثر من الكذب حتَّى يصبح علامة من علامات نفاقه، ويسلك به الطريق الضيِّق، فينزلق من خلاله إلى أودية الشرور والآثام. وقد بيَّن لنا الصَّادق المصدوق نبيُّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم عاقبة الأمرين عندما قال: «عليكم بالصِّدق فإن الصِّدق يهدي إلى البِّر، وإن البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرَّى الصِّدق حتَّى يكتب عند الله صِدِّيقاً، وإيَّاكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتَّى يكتب
عند الله كذَّاباً.ولما كانت القدوة الصالحة خير طريق لاكتساب الخُلقِ الحسن؛ فقد أمرنا الله عزَّ وجل بصحبة الصَّادقين من المؤمنين في قوله: يا أيُّها الَّذين آمنوا اتَّقوا الله وكونوا مع الصَّادقين، وقد امتدحهم الله في آية أخرى فقال: مِنَ المؤمنينَ رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فهم الوجه المشرق المنير للإنسانية، وفيهم تتجلَّى الرجولة الحقيقية لأنهم صدقوا قولاً وعملاً، ونشروا راية الإيمان شرقاً وغرباً، فسكنت قلوبَهُم سعادةٌ يحسدهم عليها ملوك الدنيا وأباطرتها، وعُمِّرت بيوتهم المتواضعة بذكر الله ونوره، فغدت تضاهي بسكينتها والسعادة الَّتي فيها، قصور الأمراء والمترفين.فالصِّدق بُغية المؤمنين ولا يزالون يتحرَّونه حتَّى ينالوا رتبة الصدِّيقين، ولا يحيدون عن دربه إلى أن يلقَوُا الله فيحشرهم مع النبيين والشهداء والصالحين. ويسألون الله أن يثبِّتهم على هذا الخلق العظيم أسوة بحبيبهم الصَّادق الأمين صلى الله عليه وسلم الَّذي كان يدعو كما علَّمه الله: وقُلْ رَبِّ أدخلني مُدْخَلَ صِدْقٍ وأخرجني مُخْرَجَ صِدْقٍ واجعلْ لي من لدُنْكَ سلطاناً نصيراً.. أي ربِّ أدخلني كلَّ مدخل في الحياة دخولاً حسناً مَرْضِيَّاً تجعلني فيه من الصَّادقين، وأخرجني إخراجاً حسناً مؤيداً بتوفيقك واكتبني فيه من الصَّادقين، واجعل رحلة حياتي من بدئها إلى ختامها، ميسَّرة ومسدَّدة وآمنة، في ظلِّ عنايتك الَّتي تظلُّني؛ إلى أن ألقاك وقد أدرجتني في ديوان الصَّادقين الأبرار.
فما أجمله من دعاء يترجم حقيقة حالهم؛ إنهم صدقوا والتزموا التَّقوى في أموالهم وأعمالهم، فأعدَّ الله لهم خير المساكن، وأكرم المنازل، وبوَّأهم الجنَّة يتمتَّعون بنعيمها المقيم، ويتلذَّذون فيها بالنظر إلى وجهه الكريم، فيغدق
عليهم من فضله ورضوانه ما يسعدهم ويرضيهم؛ فهم في بساتين غنَّاء ورياض فيحاء، وأنهار جارية، وأشربة صافية لذيذة، ومجالس صادقة خالصة، لا لغو فيها ولا تأثيم وَعْد الصِّدق الَّذي وعدهم في قوله جلَّ من قائل: إنَّ المُتَّقينَ في جنَّاتٍ ونَهَرٍ في مقعدِ صِدْقٍ عند مَلِيْكٍ مقْتَدِرْ. فما أشدَّ ظلم الإنسان لنفسه عندما يُعْرِضُ وينأى عن طريق الصِّدق والصَّادقين، ويسلك طريق الكذب ويرضى بأن يكون من المفسدين المنافقين، ولهذا فإن الله عزَّ وجل نفى صفة الكذب وافترائه عن المؤمن الَّذي يكون حريصاً على سلامة المجتمع وأمنه وسعادته فقال: إنَّما يفتري الكذبَ الَّذين لا يؤمنونَ بآياتِ الله وأولئكَ هُمُ الكاذبون.اللهم اجعلنا من الصدقيين واكتبنا معهم في جنات النعيم، وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق